فواتـح

 

1  

 

طللٌ لنا نبكيهِ أم نلغيه ؟ نحنُ سلالةُ الأطلالِ والأسلافِ .. نحنُ رسيسُ وهنٍ نحملُ الأسفارَ والأطلالَ ، فينا نشوةُ الماضين نحو أفولهم ، حزنُ الشجيراتِ الصغيرةِ في مسار الدمع ، نكتم ضحكةَ الباكين فوق منافض الكلمات ، تكتبنا وترسمنا لهم وعلى بقايا زهرةٍ يبكون ما ألقت لهم سحبُ الخراب حجارةً سجيل ، ذاك هطول رغبتنا ببابِ الوهم أضرمنا ــ وعند غياب ذئب الخوف ــ نيراناً ولم نكُ عقرباً نضعُ النهاية للنهايةِ ، نكتفي بالزهو أو كنّا مجوساً نقتفي أثر التأملِ نجمةٌ في القطبِ تنبئنا بموتِ    نبينا .

 

2

 

  قمرٌ على الأبواب يرسمهُ الدجى

  ويلوّنُ العتباتِ بالفيروزِ ،

  يفتحُ كوّةَ الأطيافِ في نزقٍ تطلُّ على اندحار غزالةِ الرؤيا أمام نسور ظلمتهم وتلغي مهرجان اللونِ في صبحٍ تكللَ بالطيورِ والندى ..                                

 

  قمرٌ على الأبوابِ يرسمهُ الدجى

  ويلوّنُ العتباتِ بالفيروز ،

يكتبُ أبجدية سرّهِ المهزوم في لوحٍ تهشمَ صمتهُ العذريّ . تلك سلالةُ الطين المعفر بالسخامِ وبالحروفِ ، وبالحروفِ ــ سُلافةُ الأسلافِ ــ تكفيرٌ لكلّ خطيئةٍ ألقت بهذا الطين في وادي التمرد ، آهِ يا طينَ السلالةِ كم تبرأنا وها إنا نعود إليكَ نجمعُ من أريجكَ نفحةً نمضي بها للقادمين على سرابٍ من دمٍ ، ونعبُّ من خمرٍ تقطّرَ في دِنانِ خطيئةِ الآتينَ ، نرسمُ شاهداتٍ من زمردِ ضحكنا موتاً وأحلاماً تكون له الصدى ...

  قمرُ الردى

 

3

 

  قمرُ الطفولةِ يقتفي أثرَ المحاقِ ،

على طفولتنا يخطُّ سحابةً صفراء أوهَمَنا فأعطيناهُ كلَّ الخيطِ فرَّ بنا ، فشاهدناهُ يغوي نجمةً عرجاءَ في التابوتِ يُدخلها ، وكنا نسمعُ الأرواحَ تعزفها الخطايا ... تلك كانت أبجديةَ ظلنا ، كنا نمدُّ الى الجذور يداً فنلمسُ موتها في الشمسِ ، جذوةَ نضجها الممتدِّ في الأرض اشتهاءً للسمو ... فبينَ جذوةِ موتها والنضجِ نلمسُ جثةً ــ شجراً ، كأن الريحَ تقلعهُ فيرسخُ ثم يرضخُ شهوةً للريح ، كنّا نسمعُ الأنفاسَ في جذرِ الإقامة والرحيلِ ، وللرحيلِ مدائنٌ من رملِ تذرونا ، وترسمُ ضحكنا شوكاً يغطيهِ السرابُ ، على مرايا الماءِ ، كنّا قد تهجأنا الحروفَ بأولِ اللقيا بوجهٍ زوّقتهُ مكاحلُ الإطناب ، والأغوار ضحضاحٌ ، تنزهتِ الضفادعُ ، نقّتِ الكلماتُ خطتْ أبجديةَ سرّنا المفضوح ، كانتْ شهوةٌ للصمتِ تفضحنا ... نصبُّ الزيتَ فوق قميص رؤيانا الذي قدتهُ ريحُ الأرضِ من كلّ الجهاتِ فنرتجي في الغيبِ أحلاماً لتطفءنا وتقتلُ شهقةَ الثعبانِ فينا ، توقِظُ الوسنَ المعلقَ بالرموشِ ودمعةَ الصلصال ، كي نمضي على قصبِ على قصبِ العروشِ لنجمةٍ ولنكشفَ السرَّ المخبأَ بين فكّي كوسجِ السنواتِ ندخلَ هودجَ الكلمات ، نسفحُ عطرَ ماءِ النارِ من قارورةٍ للشمسِ ، نزرعُ في الوسائدِ ضحكةَ الشررِ المعتقِ في سرير     الليلِ ... نرقبُ ... ربما ... قمرُ الفحولةِ يقتفي أثر  العناقْ ...                                                                                                  

 

     ابتهال

  عَبَدَ اليمامةَ ... علّمتهُ غناءَها / فالشعرُ كانْ

  عَبَدَ المياهَ ... فعلّمتهُ رحيلَها / فالنفيُ كانْ

  عَبَدَ النجومَ ... فأقرأتهُ ضياءَها / فالدمعُ كانْ

  عَبَدَ الحياةَ ... فأطعمتهُ قليلَها / فالموتُ كانْ

  أسفاً عليهِ فلمْ يزلْ انسانْ

 

>>