الغـرفة

 

 كنتُ أقرأ في كتابِ ( المنحرفون ) وهو كتابٌ ضخمٌ يضم بين دفتيهِ صوراً مرعبةً للإنسانِ في مراحلِ تدهورهِ ، كانَ الذعرُ يُخرجُ رأسهُ من بلعومي حشرجاتٍ ومن فرجةِ الصمتِ كانتِ المفرداتُ تتراجعُ إلى الخلف كأنها على استعداد للنطّ . كنتُ أرى خوفي ينهضُ طويلَ القامةِ ، أحمقَ النظراتِ ويطلُّ عليّ مبطنَ التفاصيل مبهمَ النوايا . إلتفتُّ ، كان خيط دمٍ يجري قربي ، دمٍ مسفوحٍ تواً كأن بخاراً يتطايرُ منهُ ، وشيئاً فشيئاً راحتْ رائحةُ الدمِ تملأُ الغرفة. هي غرفتي ولكني اكتشفها الآن للمرةِ الأولى ، أرضيةً مغطاة بالأشلاء وجدراناً مرصعةً بنهودٍ صغيرةٍ مقطّعةِ الحَلَمات ، هي الجدران نفسها التي كنتُ أحدّقُ إليها حينما أكتبُ قصيدة.

 غامتِ الرؤيةُ فرأيتني سطراً في كتابِ ( المنحرفون ) ، سطراً خالياً من مفرداتٍ بل علامات استفهام بلهاء تبحثُ عن أجوبةٍ آنيةٍ عن كينونةِ المستحيل .

 ..............................................

 كان البكاءُ قارساً في ليلِ المشاعر .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

22/12/1994 فايله

 

>>