الصـديق
 

 

كـانَ جـالـســاً أمـامـي بـوجـهـهِ الـكـئـيـبِ وعــودهِ الـنـاحــلِ

يـبـتـســمُ إذ أبـتـســمُ ويـعـبـسُ إذ أعـبــسُ

أتـذكـرُ أنـي رأيـتـهُ

مــرةٍ حـيـنـمـا كنــّـا صـلصـالاً فـي شـرفـاتِ قـصــرِ الـلـهِ

ومــرةً أخــرى فــي جـهـنـم

لـمـاذا اخـتـارنــي مـن بـيـن كـلّ هؤلاءِْ الـجـالـسـيـن ؟

ولـمـاذا لـم يـذهـبْ مـع مُـحـبـي الـكـرة لـمشـاهـدة الـتلـفـزيـون ؟

 

أراهُ غـريـبــاً

يـنـفـضُ عـن رأســهِ أفـكــاراً كـتـرابِ الـقـبــرِ

أقــرأُ فـي وجـهـهِ

ثـلاثـيـنَ عـامـاً مـن الـحـيـرةِ

ثـلاثـيـنَ عـامـاً مـن الـرحيـل إلـى مـدنِ الـحـلـمِ الـمـغـلـقـة

ثـلاثـيـنَ عـامـاً مـن الـسـهــر

يـقــرأُ كـتـابــي

ويـرتــدي كـفــنــاً

لـمـاذا غـامـت عـيـنـاهُ حـيـن رآنـي أغـازلُ تـلـك الـشـقـراء؟

هـل يـشـعـرُ بـالـغـيــرةِ ؟

ــ أكــرهــكَ

يـضـحـكُ ويـتـمـتـمُ بـكـلـمـاتٍ لا أسـمـعـهـا

والآن سـأتـركــهُ يـمـارسُ الـلـعـبـةَ وحــدهُ

ولـكـن حـيـن خـرجـتُ

تـذكـرتُ بـأنـي نـسـيـتــهُ

فـعــدتُ

وجــدتـهُ يـبـحـث عنــي

بـوجـهــهِ الـكـئـيـبِ

وعــودهِ الـنــاحــل

 

1986 فـايـلــه

>>